Preloader
مقالات
أرشيف تصميم الغلاف العربي
Dark Mode

آخــــــــــرُ الأمور أوّلها: بيـــــــان

بيان صادر عن أرشيف تصميم الغلاف العربيّ
(كُتب البيان بصيغة المذكّر. يُرجى التّعامل معه على أنّه موجّه للجنسين على حدّ سواء)
١ كانون الثّاني/ يناير ٢٠٢١

نحنُ مجموعة من المصمّمين والفنّانين والمفكّرين، من بلادٍ تتكلّم العربيّة، يربطنا حسّ الانتماء.


مقدّمة

إنّ هويّتنا المُفترضة تغطّ في سباتٍ عميق. حتّى أنّ رحلتنا في السّعي لمعرفتها أصبحت غامضةً ومُشوّشة. حتّى الآثار النّادرة المتبقّية من تاريخنا تمّ إبعادها عنّا وأصبحت مُجتزأةً ومُحطّمةً ومُهملة. لذا، فإنّ التّحدّي الّذي نواجهه اليوم أكبر بكثير ممّا كان عليه في أيّ وقتٍ مضى. وبالتّالي، فإنّ التغلّب عليه سيكون أعظم بكثير.
مرّة بعد أخرى، نحن مُكرهون على أن نشهد تشكّل هويّتنا من خلال المنظور الغربيّ لمجتمعاتنا وثقافتنا. هناك قوىً تتحكّم بماذا وكيف نتعلّم، تتحكّم بما يُعتبر ذو قيمة جماليّة، وبالأُطر المُستخدمة لاستخراج المعنى من تجاربنا. إضافةً إلى التّحكّم بما يُعتبر مثيراً للاهتمام، بما هو مقبول، وما هو حضاريّ، وما يبدو لطيفاً في لغتنا، وفي كيفيّة تفكيرنا. وبالتّالي، تشكيل كلّ من: هويّتنا وثقافتنا. وكلّ ذلك دون نزاع أو نقد حول فاعليّة هذه الأطر.

هل يمكننا التّدخّل والتّأثير على المتغيّرات الّتي تساهم في تشكيل وجودنا؟

هذا البيان هو وعدٌ بأنّنا -على أقلّ تقدير- سنحاول. وعدٌ لأنفسنا المستقبليّة وللأجيال القادمة أنّنا سنقاوم، ونواجه، ونعيد بناء التّوجّه الحاليّ في نُظمنا؛ الّتي هي في الحقيقة أكثر تجذّراً وصلابةً ممّا تبدو عليه، آملين أن نمنحكم ما هو أكثر قبولاً. نعدكم بأننّا سنحاول استعادة قدرتنا على تعريف أنفسنا وتمثيلها. سنكون أكثر دقّةً، وشغفاً، وشكّاً، ونقداً، سنكون كذلك شديدي الانتباه، وندعو الجميع ليكونوا كذلك أيضاً.

بدون عنوان
ميليسا شلهوب
لبنان – ٢٠٢١

إنّ الواقع الّذي يتمّ التّرويج له يوميّاً هو واقعٌ شنيع. اللّغة لا تنتمي إلينا، إنّها حتّى لا تُعجبنا، وبالتّالي فإنّنا لا نشعر أنّها لنا. إنّها غريبة علينا وفظّة، إنّ وجودها المنتشر المفروض علينا يهاجمنا من خلال التّدفّق الضّخم الحاليّ اللّاواعي للإنتاج المرئيّ، النّصيّ والمفاهيميّ.

لقد أصبحنا مستهلكين لا واعين لهويّتنا الّتي تعتبر نتاجاً لمركّب جديد من الاستعمار، لشكلٍ أكثر تدخّلاً واختراقاً، حيثُ يأخذ شكل الجسد الّذي يستحوذ عليه، فيفسده تدريجيّاً ويُعيد تشكيله. فكّروا في الأمر على أنّه ظاهرة من الظّواهر الاجتماعيّة، وكأنّه كائنٌ حيّ متغيّر الشّكل، وعدوانيّ للغاية، لديه القدرة الخبيثة على استغلال أنظمة الكائن الّذي يستحوذ عليه من أجل البقاء والانتشار.
وعلى ذلك يُلام الجميع، بمن في ذلك أنفسنا.

إنّ جامعاتنا تُغذّي ما ذكر أعلاه من خلال:

  1. توظيف مهارات غربيّة مع رواتب غير عادلة مقارنةً بنظائرها من المهارات العربيّة، والّتي تكون في بعض الأحيان أكثر جدارة منها.
  2. الاعتماد على المعايير ومصادر التّعليم الغربيّة، وفي ذات الوقت التّرويج لفكرة أنّ التّفكير الغربيّ ولغته هما الطّريق الوحيد للتّقدّم والحداثة.
  3. المساهمة في عرقلة الوصول إلى المعلومات من خلال حجب المواد التّاريخيّة في أرشيفات خاصّة وحصريّة وطبقيّة ونخبويّة، حيث يتمّ الاحتفاظ بها لمنفعتها الذّاتيّة ثمّ بيع نفسها لنا مرّة أخرى.
  4. عدم مواكبة العصر، وعدم السّعي لأن يكونوا منارة تقدّميّة. على العكس، فإنّهم كالأداة الّتي تُعيد إنتاج نُسخ طبق الأصل دون تفكير.

نحن نتقبّل ذلك ونسهّل حصوله من خلال:

(تعريف ”نحن“ في هذا السّياق مستخدم بشكل فضفاض.)

  1. المشاركة في الآليّات الّتي تقود نحو تفعيله.
  2. عدم معارضته.
  3. عدم انتقاده على الإطلاق. بل والأسوأ من ذلك، انتقاد مَن ينتقده. لقد أنشأنا الرّقابة الجماعيّة المثاليّة (الـ Panopticon المثالي).

إنّ السّوق يكافئ ذلك من خلال:

  1. الدّفع لنا مقابل تكريسه.
  2. عدم الاهتمام بالثّقافة الأشمل، والاهتمام فقط بتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.
  3. التّرويج لثقافة النّظرة الدّونيّة للنّاس وللّغة.

إنّ المجتمع يضفي عليه الشّرعيّة من خلال:

  1. عدم قيامه بمعالجة عقدة النّقص المؤلمة وعميقة الأثر.
  2. فقدانه قدرته على التّأمّل الذّاتيّ والتّفكير في التّحديات الّتي تواجهه.
  3. عدم مطالبته بثقافة أكثر صلة بواقعنا.

بدون عنوان
سيلين رافي
مصر – ٢٠٢١

وهكذا، أصبحنا منفصلين عن واقعنا الّذي تمّ تشكيله بالقوّة من خلال نُظمٍ سيّئة. لقد نظرنا في المرآة، وذُعرنا من الهيئة الّتي أصبحنا عليها. إنّها السّبب في سعينا لهذه الصّحوة.

الصقــــر الأحمر محمد مصطفي مصر-٢٠٢١

إنّنا نعلن رفضنا لتلك المنظومة ومشتقّاتها، وسنسعى للوصول إلى وجودٍ يشبه حقيقتنا، وينتمي إلينا. ما هو لنا حتماً موجود، إننّا نعرفه، فقد اختبرناه ولمسناه وسمعنا عنه. إنّه ينادينا، حين نصغي جيّداً نسمع صراخه. إنّه محجوبٌ عن الأعين في الغرف الباردة المغلقة، مُهملٌ أو صعب الوصول. بيننا وبينه جدران البيروقراطيّة، والعنصريّة، والهلع، والاضطهاد، والتزمّت، والطبقيّة، والرجعيّة، والارتياب، والنّفاق، والاستهلاكيّة وعدم الثّقة.
إنّه حقّنا المتأصّل أن يتمّ الحفاظ على كلّ تلك المواد وإتاحتها لكلّ من يعنيه الأمر من عامّة الناس.

بيانٌ من رحم بيانٌ:

عندما بدأنا، لم تكن هناك أيّة مبادرات في الأرشفة. لكنّنا وبعد أن مضينا قدماً، شهدنا موجة من المبادرات المماثلة في المنطقة. إنّ هذا يجعلنا سعداء ومتفائلين بالمستقبل، لكنّنا نحتاج للمزيد.

طرق للأرشفة لمن يسعى لفعل ذلك:

  • لا تؤرشف ما يتمّ أرشفته. إذا وجدتَ أحداً يقوم بأرشفة ما تريد أرشفته، تواصل معه وساعده.
  • تذكّر أنّ الأرشيف ليس له مالك.
  • تذكّر أنّ الأرشيف ليس وسيلة لجذب الانتباه.
  • يجب أن تهتمّ الأرشيفات البصريّة بالجودة والدّقّة والشّموليّة.
  • الأرشيفات ليست صوراً وفيديوهات، إنّها معلومات وسياقات.
  • لا يجب أن تكون انتقائيّاً في المعلومات الّتي تقوم بتجميعها. لا تؤرشف الأشياء الجميلة فقط، يجب أن يلقي الأرشيف الضّوء على كلّ شيء، بما في ذلك ما يُعتبر غير جميل، غير مهمّ، أو مثيراً للجدل.

ابدأوا في التّجمّع، والتّنظيم، والتّعاون والتّوحّد.


نداء للمصمّمين، الفنّانين، أو عائلاتهم:

إذا كنتم تريدون أرشفة مشروع لكم أو لأحد أفراد عائلتكم، تواصلوا معنا ويمكننا توجيهكم أو مساعدتكم في الحفاظ عليه.

  • نرجوكم، لا تخبّئوا هذه المشاريع عن الأعين، بل عوّدوا أنفسكم على الأرشفة وتوثيق أعمالكم وأنتم تصنعونها. دعونا نراها، ودعونا نحرص على أن تراها الأجيال القادمة.

لجامعي الأعمال الفنّية، والمؤسّسات، والجامعات:

يستعمل بعضكم مواداً من التّراث الثّقافيّ تنتمي في الأصل للجميع، ويحجبها في غرف مغلقة بعيداً عن متناول النّاس.

  • افتحوا مجموعاتكم وأرشيفاتكم.
  • قوموا بتسهيل الزّيارات والأبحاث للجميع. لديكم المقدرة على فعل ذلك، فافعلوه.

للمصمّمين، والباحثين، والمربّين، والمفكّرين والفنّانين:

نحتاج منكم جميعاً

  • التّواصل مع فرد يصغركم سنّاً، وإرشاده.
  • إيجاد بدائل وثقافات مغايرة، ومساءلة كلّ شيء.
  • خلق مجتمعات صغيرة منفتحة على المجتمعات الأخرى.

للطّلاب:

  • كونوا فضوليّين فيما يخصّ تاريخكم المنسيّ، وانفضوا عنه الغبار.
  • أعيدوا التّفكير في كلّ شيء.
  • ابحثوا عن مرشدين.
  • هناك العديد من الطّرق الّتي يمكن أن يعمل بها المصمّمون في المجتمع. العمل التّجاريّ ليس أملكم الوحيد. إن لم تجدوا ما تحبّوه؛ اصنعوه بأنفسكم.

للمؤسّسات الثّقافيّة، والمؤسّسات الخيريّة غير الرّبحيّة، المحلّيّة والعالميّة، وروّاد الأعمال الخيريّة:

  • ادعموا مشاريع الأرشفة، ومشاريع أبحاث التّصميم والكتابة. إنّ مجتمعاتنا تحتاجها وبشدّة.

إنّنا نسعى لإيجاد طرق لإعادة التّواصل وتجميع أنفسنا بشكلٍ يتعدّى الحدود ويتخطّى المادّة. وبالتّالي، فإنّنا سننمّي ما ينتمي لثقافتنا، وسنحرّر التّاريخ من أباطرته ومنافقيه، ومن ديكتاتوريّة المعلومات والوثائق.

نطالب بإتاحة الوصول إلى تاريخنا، والاطّلاع عليه واستخدامه.


إلامَ نحتاج:

نحتاج إلى تغيير في البروتوكول والأُطر الفكريّة الجمعيّة. كما نحتاج إلى إعادة تفكير جذريّة في كيفيّة رؤيتنا للتّاريخ، وفي المعايير الّتي نستخدمها لتعريف المواد التّراثيّة، التّاريخيّة منها أو الثّقافيّة.

نحتاج إلى “حمّى أرشفة”. حمّى واسعة الانتشار ومُعدية.

دعوة للعمل:

“ندعو الجميع إلى تحرّك إقليميّ من أجل إنشاء أرشيفات مادّيّة ورقميّة، وإعادة تخيّل الأرشيفات الموجودة. كما أنّنا ندعو إلى إعادة هيكلة كيفيّة تعريفنا لمواد التّراث الثّقافيّ. إنّنا لا ندعو للحفاظ على الاكتشافات الأثريّة وحسب، بل وعلى الّلغة نفسها، على الكتب والمجلّات والفنّ والثّقافة. يجب أن ننظر إلى جميع المواد المطبوعة على أنّها وثائق تاريخيّة.”

نهاية مفتوحة:

الأرشيفات هي ذاكرتنا الجماعيّة.
الأرشيفات ليست ماضي، إنّها بالنّسبة إلينا الحاضر والمستقبل.
الأرشيفات بالنّسبة إلينا هي وسيلة لإعادة اكتساب السّيادة على هويّتنا، وسيلة لاستقلالنا الذّاتيّ والاستشفاء.


* من أجل التّوقيع على هذا البيان، قم بكتابة اسمك ومحل إقامتك بالّلغتين العربيّة والإنچليزيّة  في التعليقات، أو قم بإرسال المعلومات هنا.

وقّع على هذا البيان:
محمود الحسيني - مصر
صوفيا علمي - المغرب
أميمة دجاني - فلسطين
كريم فؤاد - مصر
يمان طعمة - لبنان
محمد مصطفى - مصر
سارة العضايلة - الأردن
أريج عطاالله - السعودية
إنجي هشام - مصر
نورهان البنا - مصر
جنزير - أمريكا
هدى أبي فارس - هولندا
دانه الشيّاب - الأردن
ماريا حبيب - لبنان
رأفت علي - هولندا
هيا حلاو - سوريا
فينا زموري - بلجيكا
تِيوَا بارنوسا - ليبيا
ساره صالح - هولندا
كندة غنوم - بلجيكا
احمد فوله - مصر
محمد فرحات - المانيا
مجد الشريف - مصر
علي رأفت - مصر
ندى عبدالله - الامارات
فاي أحمد - السعودية
رندا هادي - الكويت
منى بشير - فلسطين
روي سعاده - لبنان