Preloader
لقاءات
هاني محفوظ
Dark Mode

مقابلة المكتب: هاني محفوظ – ٥/١٢

“المكتب” هي سلسلة مقابلات متعمقة مع مصممين ومنتجين عرب. يبدأ الموسم الأول مع مبدعين مصريين. تتخذ المقابلات “المكتب” كعدسة مكبرة للنظر في ممارسات هؤلاء الأشخاص للتصميم. اسم”المكتب” هو اسم مأخوذ من فيلم مارك جاردنر الذي يحمل نفس الاسم كعنوان الفيلم؛ وهو فيلم وثائقي قصير يتمحور حول محاولة استكشاف العلاقة بين العاملين ومكتبهم(مساحة العمل) وكيف ينعكس هذا المكان في شخصية كل منهم، والعكس. يهتم مستودع التصميم باستكشاف ذات العلاقة ولكن مع رغبة متزايدة بتوثيق هذه المقابلات في اللحظة الراهنة، وبالتالي محاولة تسجيل لحظة زمنية لأجيال المستقبل كي يجدوا إرثاً عن هذه الفترة عندما ينظرون من مستقبلنا لماضيهم. تستمر المقابلات على مدار العام، مع مصمم/منتج واحد كل شهر. ستكون مقابلة هذا الشهر مع الفنان والمصمم المصري: هاني محفوظ.


هاني محفوظ، الأستوديو، ٢٠٢٢

س: تفضل بتقديم نفسك، الاسم، السن، الجنسية، والمهنة؟

ج:

الاسم هاني محفوظ
السن ٥٧
الجنسية مصري
المهنة مصمم/ وفنان

أعمل كمصمم جرافيك منذ عام ١٩٩٠. أنشأت الاستوديو الخاص بي عام ١٩٩٧ تحت اسم تصميمات هاني محفوظ(Hani mahfouz Designs (hmd

س: تكون أعمالك في أغلب الأحيان تقاطعاً بين الفن والتصميم، كيف تتصالح مع العلاقة بين الاثنين؟

اليمين: رسم لمعرض، هاني محفوظ، ١٩٩٤ اليسار: ملصق تصميم ورسم هاني محفوظ، ١٩٩٤

ج:

تخرجت من كلية الفنون الجميلة عام ١٩٨٨ من قسم العمارة الداخلية (ديكور)، وفي تلك الفترة لم تكن الفواصل بين الفن والتصميم واضحة، أو على الأقل في ذهني. خاصة أن الشق الفني كان يميز كليات الفنون في تلك الفترة أكثر من الشق التقني، وهذا يختلف عما أصبح دارجاً في ما بعد في التخصصات التي تندرج ضمن الفن والتصميم (art and design). بمعنى أن المناهج نفسها لم تكن واضحة الهوية في تلك الفترة. على سبيل المثال، كنا ندرس تصميم ورسم ولاندسكيب (رسم ميداني) وكانت للمواد الثلاثة نفس الأهمية. استمر هذا الخلط معي فترة طويلة، وقد ساعد على ذلك عدم وجود تعريفات واضحة وعدم تعرضي لما يتيح لي الفصل بينهم بوضوح. فثورة التكنولوجيا والانترنت لم تبدأ في مصر إلا بعد عام ١٩٩٥ و على استحياء. من خلال ممارستي المستمرة بالعمل كمصمم جرافيك، والتي يُعزى إليها إتقاني لاستغلال أدوات رقمية مستحدثة لإنتاج أعمالي الفنية، أستطيع القول أنه لولا إتاحة تلك الأدوات لما كان لنا أن نعترف اليوم بالتصميم كفن، وهو ما كان يُعتبر في السابق مجرد حرفة! قد يخالفني الكثيرون الرأي، على الأخص من متقني هذه الحرفة، ولكنني أعتقد أن لدي الحُجة لتعزيزه.

ورغم عدم وضوح التعريف في ذهني إلا أنني كنت ولازلت أفصل بين الاثنين، وأتعامل مع التصميم كحرفة ليس لها علاقة بالفن بشكل كبير، -أو بمعنى أدق- إن ما أنتجه يومياً هو عمل يومي أعتمد فيه على هويتي الفنية، ولكنه ليس فناً صريحاً، إنّما يتلامسان فقط، وأنا أحوم حول هذا التلامس طوال الوقت.

منتجات من تصميم هاني محفوظ
صورة شخصية، هاني محفوظ، ١٩٨٦ تقريباً

كنت أصمم في كثير من الأحيان تصاميم تنتقل من هذا الجانب إلى الجانب الآخر وبالعكس. كنت أبحث طوال الوقت عن مخرج من التصميم للفن وكأن العمل بالتصميم عقاب أقضيه، وكأنني أجهز نفسي ليوم سيكون لدي فيه رفاهية الفصل بينهما، بحيث أستطيع أن أحيا وأعيش من الفن دون أن أضطر لعمل بالتصميم القائم على طلبات محددة لابد أن يحققها أو يراعيها. وهذه الفكرة غالبا هي نفسها ما دفعتني لمحاولة صنع منتج خاص بي في ٢٠٠٢، وقد كان عبارة عن منتجات ورقية جميع أغلفتها قائمة على الرسم بشكل أساسي، فعندما راقبت العالم من حولي لم أجد اسماً بزغ في عالم التصميم الجرافيكي كما هو حاصل في عالم الأزياء أو العمارة أو حتى التصميم الصناعي، ولكنني وجدت أسماء مثل هولمارك (Hallmark) أو مولسكين(Moleskine). هذه الفرضية ساعدتني جدا أن أحدد وجهتي بوضوح: كان لابد لي أن أكون منتجاً وليس فناناً في هذا العالم. ثم في عام ٢٠٠٨، بدأت العلاقة بين الاثنين تتضح أو تتصالح في ذهني، وهو وقت متأخر جداً -أو متأخر نسبياً-، أي بعد عشرين عاماً من التخرج، حيث شاركت في معرض جماعي لمجموعة من مصممي الجرافيك تحت اسم كسر الملل، كنت حينها أكبر المشتركين سناً وأقلهم فهماً، لكنّ التجربة كانت فاصلة في حياتي المهنية والفنية.

رسوم أولية لتجربة صيغة الملصقات لمعرض كسر الملل، ٢٠٠٨
يمين: كعب المشبك ينقر أعضائه، معرض كسر الملل، ٢٠٠٨ يسار: ملصق معرض كسر الملل، ٢٠٠٨
من اليسار لليمين: جورج عزمي، أحمد فوله، هاني محفوظ، محمود حمدي، إنجي علي، إبراهيم إسلام. معرض كسر الملل، ٢٠٠٨

س: ما سبب رغبتك باتخاذ التصميم كمجال عملك الرئيسي؟

ج:

التخرج من قسم الديكور في المقام الأول، وحبي للتصميم بشكل ما، ثم الصدفة. فرغم المقدمة الطويلة السابقة إلا أنني كنت أثناء فترة الدراسة أعتقد أنني سأكون مصمم ديكور وليس مصمم جرافيك، ولكنني وبالصدفة البحتة وجدت إعلاناً في أحد الجرائد اليومية لوظيفة مصمم جرافيك في أحد الشركات، وكانت هذه الإعلانات هي الأداة الوحيدة تقريبا للبحث عن عمل في تلك الفترة، فقررت أن أخوض تجربة المقابلات الشخصية وأن أتقدم للوظيفة، وكانت النتيجة أنني بدأت بالعمل بها في نفس اليوم.
أعتقد أنني شخص لم يأخذ الكثير من القرارات في حياته، أنا كنت فقط أختار من بين الاختيارات المتاحة.

س: هل من الممكن أن تشرح لنا المراحل التي تمر بها عند التصميم؟ اختر مشروعك المفضل واشرح لنا المراحل منذ البداية وحتى النهاية. ما هي التحديات والدروس المستفادة؟

ج:

أعمل منذ بداية التسعينيات في مجال الجرافيك، وبالتالي فقد كنت جزءاً من مشاريع عديدة جدا لعلامات تجارية وشركات ونشاطات متعددة، ولكن عند محاولة انتقاء إحداهما كعمل مفضل فغالباً ما أفضل مشروعاً يجمع بين نصفي عقلي: الفن والجرافيك 365 days of abstract

اليمين: رسمة بتاريخ ٦.١.٢٠٢٢ هاني محفوظ، ٢٠٢٢ اليسار:رسمة بتاريخ ١٩.٥.٢٠٢٢ ، ٢٠٢٢

بدأت هذا المشروع في أوائل التسعينيات برسوم نفذتها على مساحات صغيرة، وقد عُرض في معرض فردي في أتيليه القاهرة عام ١٩٩٤. انخرطت بعدها في أعمال أخرى، إلى أن عدت في عام ٢٠١٢ لإنتاج رسوم منفذّة رقميًا، من نفس المجموعة أو تحمل نفس الهوية، وذلك بعد أن أعدت تعريفي لفن الجرافيك في عام ٢٠٠٨، فكان هذا المشروع هو نقطة التصالح بين تعريفي القديم والجديد، وقد أطلقت عليه ” ٣٦٥ يوماً من التجريد

يمين: جريء وأسود، هاني محفوظ، حالياً متاح على NFT يسار: من مشروع “من ٩ الى ٥ (الزهور)”، هاني محفوظ، حالياً متاح على NFT

أحب التجريد abstract جداً. لم أكن واعياً لمصدر هذا الحب، كنت أتخيل أن حبي للتجريد هو هروب من الرسم الأكاديمي الذي لم ولن أجيده بالشكل المتعارف عليه. ومع مرور الوقت، وفي محاولة الفهم المستمرة لنفسي اكتشفت أن رغبتي في البقاء والخوف من الفناء قد تكون هي السبب الأساسي.

الفقرة اللاحقة تشرح ذلك بشكل اوضح.

أريد رسم شيء ما
خارج حدود الزمن
غير قابل للتلف
غير خاضع لقوانين
——————
شيء بسيط
يسهل على الجميع رؤيته
بالعين المجردة
——————
أما عن الرسالة
فلا أرغب تحميله بأيًا منها
فجميع الرسائل قد فسدت بفعل سوء الاستخدام
لذا، لا أريد له ملامح
أريده لا شيء
——————
فالملامح تتغير طوال الوقت
أريده على شاكلته
دون ملامح
حتى يزوره آخر شخص على كوكبنا
——————
ربما يحمل جزء مني
ذلك الشخص النرجسي
الذي يحبني لدرجة الخلود
حيث سيظل موجودًا إلى الأبد
——————
من المؤكد أن أشعر بالملل
لذا، سأوسمه ببعض ألوان
ليسر الناظرين
ليهزم مللًا طالما هزمني
——————
لماذا كل هذا العبث؟
لأن العبث أصل البقاء
——————

كتبت هذه الأسطر من أجل شرح ما أصنع دون أن أقصد بها مشروعاً بعينه، ثم اكتشفت فيما بعد -ولأنني شخص دائما ما يفهم الأشياء متأخراً- بأن هذه الأسطر وصف لما افعل منذ عام ١٩٩٠. وبما أن هذا المشروع هو محاولة للبقاء إذن فقد كان الوسيط الرقمي أحد الحلول العبقرية. لم ولن يشغلني تماماً تلف الورق أو الأحبار فهناك دائماً نسخة الكترونية يمكن إعادة نسخها في أي وقت. ليس للتجريد شكل مسبق، ولا يمثل صورة مألوفة، أي أنه لا يعكس أيّاً من الصور المرئية، لا مرجعية له ولا زجاجات ولا وجوه ولا شجر ولا طيور، ومنه جاء اعتقاد البقاء عندي فهو بطبعه خارج حدود الزمن.

بقي هناك اشكاليتان: أولاهما إثبات ملكية العمل أو تاريخه كما ساد العرف في الأعمال الفنية،وثانيهما أن الملف الخاص بالعمل متاح لي للعبث به طوال الوقت. أقوم بفتح تلك الملفات والتغيير فيها وحفظها من جديد ولا أستطيع التوقف عن هذا الفعل. أي أنه أصبح للعمل بداية ولكن النهاية مفتوحة دائما.

في مارس ٢٠٢١، بيع عمل رقمي لفنان أمريكي يدعى ميك وينكل مان وشهرته بيبل ب ٦٩ مليون دولار كـ NFT. كانت هذه المعلومة كافية لتثير فضولي لمحاولة فهم هذا العالم الجديد، ومع فهم هذا العالم الافتراضي الجديد وجدت حلاً نهائياً للاشكاليتين السابق ذكرهما.
حولت هذا المشروع إلى مجموعة على موقع Opensea، ويعتبر إحدى المنصات الشهيرة وربما أكبرها على الإطلاق لتجارة NFTs.

مشروع ٣٦٥ يوم من التجريد، هاني محفوظ، بتاريخ: ٢٠٢٢.٧.١٣. الفيديو تم تسريعه بدرجة ٥٥٠٪

اخترت ١ يناير ٢٠٢٢ ليكون بداية المشروع، أو نهايته بمعنى أدق. أرفع عملاً على المنصة في منتصف كل يوم.
اخترت التوقيت بحيث يكون ذات اليوم في كل العالم بين استراليا وهونولو. سمّيت كل عمل بتاريخ رفعه على المنصة وهو تاريخ وضع نهاية للملفّات المفتوحة. وفي ذات الوقت ترافقت هذه العملية مع مشاركة العمل على مواقع التواصل المختلفة.

أخطط بعد نهاية العام واكتمال المشروع بأيامه الـ ٣٦٥، أن أقوم بطرحه للعرض العام في أحد الصالات الفنية. بحيث يطبع كل يوم من المشروع على مقاس صغير قد يكون ٢٠ * ٢٠ سم. حتى يتسنى لي جمع ٣٦٥ قطعة على حائط واحد وكأنه تقويم مرسوم، وبجواره كل مراحله ما بين بوستر وبعض الأعمال والاسكتشات من معرض ١٩٩٤ وتحدي أكتوبر للرسم بالحبر في ٢٠١٧، والذي كان هو الآخر أحد مراحل المشروع نفسه، بالإضافة إلى كل ما يتوفر لدي من تغطيات صحفية أو صور للمراحل والأزمنة المختلفة.

س: من هم المصممون/الفنانون المصريون المفضلون لديك؟

ج:

محيي الدين اللباد
آدم حنين
وليد طاهر
أحمد فولة
عمرو ثابت
جورج عزمي

س: من هم المصممون/الفنانون الغير مصريين المفضلين لديك؟

ج:

بيكاسو
ميرو
ماتيس
ايجون شيلي
بولكلي
كلدر
سول ستينبرج
لوكربوزيا
ميس فاندرو
فيليب ستارك
بول سميث
وطبعا أود أن أنبه إلى أنني شخص غير واسع الاطلاع.

س: من أين يأتيك الإلهام لمشاريعك؟

ج:

مصادر الإلهام لا نهائية. فبالنسبة لشخص مثلي يعاني من شتات الأفكار، كل شيء -حرفياً كل شيء- ملهم. أؤمن بأن التصميم والابتكار ما هما إلا إعادة تدوير لأفكار سابقة. كل شيئ موجود بصورة أو أخرى، هو فقط يحتاج أن تراه بصورة جديدة، أو أن يعاد تدويره بشكل أو بآخر. هذه الفكرة جعلت باب الإلهام مفتوحاً دائماً على مصراعيه كما يقال، وهناك على الدوام فكرة ما على مقدمة رأسي يختارها شغفي من بين الأفكار الكثيرة الأخرى.

هاني محفوظ، مكتب الأستوديو، ٢٠٢٢

س: من فضلك، أخبرنا ماذا يعني لك مكتبك؟

ج:

هو المنطقة المريحة التي لا يشاركني فيها أحد آخر. ما من أحد له رأي بين الحوائط الأربعة غيري، حتى ولو كان رأياً تافهاً كتشغيل الاضاءة أو جهاز التكييف أو خفض الصوت على سبيل المثال. مكتبي هو المساحة الوحيدة الصغيرة التي تعود ملكيتها لي منفرداً. فبالإضافة لهذا البعد النفسي، تحتوي هذه المساحة على ماكينة قهوة وجهاز كمبيوتر و أيباد و واكوم وورق وطابعة وأقلام وسماعة، أي كل ما أحتاج إليه تقريبا من كوكبنا.

هاني محفوظ، الأستوديو، ٢٠٢٢

س: ما هو دور التصميم في المجتمع برأيك؟

ج:

العمل على جعل العالم مكاناً أجمل. أو على أقل تقدير محاولة السيطرة أو تقليص القبح الصادر عن مصممين آخرين

س: عندما تواجه حالة من نضوب الأفكار Creative Block، ما هي الطرق التي تساعدك على تخطي هذه المرحلة؟

ج:

سؤال صعب بعض الشيء. أنا لا اعتقد أنني أواجه هذه المشكلة في عملي اليومي كمصمم. ربما لأنني أولاً لا أصنف نفسي كمصمم، وبالتالي لا أعطي التصميم قدسية كما هو الحال في الفن. أنا من الأشخاص الذين يرون أن التصميم هو شراكة تجارية بين طرفين، والفيصل في تلك الشراكة هو تحقيق الهدف المرجو من العمل. لا أشعر بأنني من المفترض أن أكون إله التصميم، أو أن التصميم الخارج مني يجب أن يكون عملاً إلهياً يخضع لقوانين الوحي. غالباً، فإن ما يطلق عليه نضوب الأفكار (أو الكرييتف بلوك) يصيب أولئك الذين يبدؤون العمل وهناك صورة مسبقة أو تخيل محدد للتصميم في أذهانهم، وهو ما ليس لديّ.
ثانياً، قد يكون لقانون تسعير العمل أيضا يد في ذلك. فأنا لست من الأشخاص الذين يطلبون سعراً مرتفعاً للتصميم أو للفكرة. قد يكون هذا القانون الذي أعمل به قد رفع عني الحرج الخاص بإيجاد أفكار عبقرية. فأنا غالبا ما أسعر بعدد ساعات العمل حتى لو لم يكن ذلك واضحاً في عروض السعر الخاصة بي، لكن هذا ما يحدث في الغالب بيني وبين نفسي. لذلك، أنا أعتقد أن هذا الفعل غير ملزم لي بإيجاد أفكار عبقرية، هو ملزم فقط بالعمل عدد ساعات محددة، وهو أمر من السهل تحقيقه.
أما في حالات انقطاع الأفكار المطلق، بمعنى أنه ليست لدي أية قدرة على الانخراط أو حتى التفكير البسيط، تجدني غالبا اتأرجح بين اهتماماتي المختلفة إلى أن يتغير مزاجي العام، أي أنني أهمل الحالة بدل التعامل معها.

س: ما هي الوسائل أو الأدوات التي تستخدمها في الحيز الفني وتنتقل معك إلى حيز التصميم؟

ج:

قبل الإجابة، أعتقد أننا لا بد أن نعرف الفرق بين الفن والتصميم أولاً. فالفن هو بالأساس عمل حر ليس من المفترض أن يخضع لأية قوانين كالعرض والطلب، أو أية وظيفة مهما كان شكلها أو شأنها. على عكس التصميم الذي هو عمل فني يخضع في المقام الأول لقوانين الاستخدام والعرض والطلب، أو لنقل هذا هو المفروض. وبالتالي، وبناء على تعريفي الشخصي، لا أعرف تحديدا ما الذي قمت بأخذه من هذا الجانب الاخر. فقد يكون اتساع الفن، أو ضبابيته، أو مجرد محاولة إخراج التصميم من حيز الفترة، أو قد يكون شيئاً أبسط من كل هذا التنظير. هو مجرد الخلط او المزج بينهما في منتج هجين واحد.

س: لو تم تكليفك بكتابة تعريف لمجال التصميم الجرافيكي لأغراض أكاديمية على سبيل المثال لإدراج هذا التعريف في المنهج، ماذا سيكون تعريفك؟ وهل سيكون التعريف مختلفاً لو كان تعريفاً للتصميم الجرافيكي العربي؟ إذا كانت الإجابة نعم، ما هي أوجه الاختلاف؟

ج:

دائما ما يأخذ الجزء الخاص بالتعريف مساحة ضخمة من تفكيري إيماناً مني بأن الأخطاء الناتجة عن التعريف الخاطئ يستحيل تداركها، عكس أي خطأ آخر إذا كان التعريف سليماً. التصميم الجرافيكي هو بالأساس فن قائم على فكرة النسخ المتعدد، أي أن عملية الطباعة بأنواعها المختلفة تعتبر جزءاً من تعريفه. لذلك، فإن هذه الفرضية تمنح أهمية كبيرة للتقنيات والخامات المختلفة، مما يجعل العلم بها أمراً ضرورياً وليس رفاهية.
لنفس الأسباب السابقة أصبح هذا الفن فناً تطبيقياً بالمقام الاول، أي أن له وظائف محددة. وهنا أصبح من الضروري وضع الوظيفة بعين الاعتبار واحترامها، وهذا الاحترام في اعتقادي الشخصي لا بد أن يأخذ مكانة متقدمة عن الفن في أغلب الحالات إن لم يكن فيها كلها.

ليس لديّ تعريف مختلف للتصميم العربي. قد تكون مفردة اللغة العربية والبدء من اليمين بدل اليسار هو عنصر الاختلاف الوحيد من وجهة نظري. وبالتالي، فقد يضطر المصمم للجوء إلى بعض الحلول الأخرى تحديداً في موضوع التعامل مع النصوص، وذلك لخاصية الأحرف المشتبكة باللغة العربية، فهي لا تحتوي على كتل وفراغات هندسية كما هو حاصل في الحروف اللاتينية. رغم ذلك، تشترك معنا لغات أخرى في نفس الخاصّية كالهندية مثلاً، التي تحتوي هي الأخرى على حروف متشابكة. لذلك أعتقد أن وصف تصميم ما بالتصميم العربي قد يكون غير دقيق.

س: ما هي النصائح التي تقدمها للمصممين المبتدئين؟

ج:

☜ لا يوجد شكل واحد للأشياء، لا صواب ولا خطأ، كل الاحتمالات متاحة كل الوقت.
☜ الممارسة والعمل المستمر لهما نتائج السحر.
☜ لا تختر لنفسك مثلاً أعلى، فهو اعتراف ضمني منك بأنك محدود أو ذو درجة أدنى
 

More Writing

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *